الاثنين، 18 نوفمبر 2019

رذاذ حلم لمنصر فلاح



 طويل خط أحلامي كقدك
ثقيل ليل آهاتي كنهدك 
 .
كأني دون أن أدري أتيت 
سحابا بات يرقب صوت رعدك 
.
 كحرف من رذاذ البوح أضحى
يراوح بين إرخائي وشدك 
.
كذوب أنت في وعد التداني
فقف حتى أجرب صدق وعدك 
.
 تحاول أن تماطل بالوعود
وقد ضاعت ملامحها بصدك 
.
فسبحان الذي ولاك قلبي
أيامن صرت تحرقه ببعدك 
.
هو الظمآن مطلبه لماك
أما تحنو عليه بكأس شهدك 
.
وكم ترنو إليه هنا عيون 
فلا يرويه غير نمير وردك 
.

فدعك من العواذل والشواني 
ووافيني ولا تحنث بعهدك 
.
ودعني أصنع التاريخَ شعرا 
أسطره على صفحات خدك .
***
لماك ثغرك 
نمير الصافي الرقراق
وردك بكسر الواو موردك 
.
الشاعر منصر فلاح
١٨‏/١١‏/٢٠١٩ 
صنعاء. 

الجمعة، 15 نوفمبر 2019

حديث غزة



لأجلك يا ذرى المجد العتيد 
أهيم اليوم بالعشق الأكيد 
.
أمرغ حرف قافيتي وأهذي 
بأشجان القصائد والقصيد 
.
كأني جئت من أقصى جروحي 
أفتش فيك عن جرح جديد 
.
أسائل ظل قافلتي وأشدو 
فتبلعني المرارة في نشيدي 
.
أغزة هل أتاك اليوم عني 
وعن دول الممالك والعبيد 
.
وعن عهر العروبة في ربانا 
وعن شيطان خيبتنا المريد 

بأنا شر من ركب المطايا 
وأجبن من تسلح بالحديد 
.
لماذا أنت دون بلاد ربي 
أرى في وجنتيك بريق عيدي 
.
يداعب جفن أحلامي ضياء 
من العز المجنح في وريدي 
.
جهادا خطه في مقلتيك 
شهيد فز في إثر الشهيد 
.
إذا ما غاب عن عينيك نجم 
أتاك الدهر يرفل بالمزيد .

***
الشاعر منصر فلاح
١٥‏/١١‏/٢٠١٩ 
صنعاء. 


السبت، 12 أكتوبر 2019

قمر نصف الشهر.



اشارت الي بحرف النظر //
 وقالت تعال فبالمختصر

تعبت من البعد والإنتظار //
 مللت اشتياقي مللت السهر

أتـَدري ببعدك كل الهموم //
تداعت علي وما من مفر

اداعب طيفك عند الصباح //
واشتاق نورك عند السحر

فهلا رحمت ورود اشتياقي  //
أم صار قلبك مثل الحجر

فقلت اتفقنا إذا ما غدوت //
  أزور حماك كضوء القمر

ففي اخر الشهر عنك أغيب//
والقاك بدرا بنصف الشهر

وما لذة الحب  يانور عيني  //
بغير اشتياق بغير سهر.

       ***  
      الشاعر منصر فلاح
١١‏/١٠‏/٢٠١٩
صنعاء.

الأحد، 8 سبتمبر 2019

قولا لها / سلطان القصيد



عراقية الأعْطَافِ شامية الخد
حجازيةالألحاظ نجدية القد 
.

بليت بها حتى جننت بحبها 
تسوس فؤادي بالتدلل والصد 
.

تعللني زيفا فأعشق زيفها 
وكم أبرمت وعدا وما أنجزت وعدي
.

ولو أحدث العذال بيني وبينها 
كلاما فلا زلت القديم على العهد 
.

خليلي مرا إن ظفرتم جوارها 
وقولا لها تحنو على المدنف الفرد 
.

وليس غريبا أن أموت صبابة 
فمن خدها وردي وفي ثغرها وردي 
.

عجبت لأمر العشق أتعب أهله 
فقلب الهَوَىْ يُخفي وعين المنى تُبدي
.

إذا هزني عطر النسيم لطيفها 
تمنيت لو أن التمني قد يجدي .

الشاعر منصر فلاح
٧‏/٩‏/٢٠١٩ 
صنعاء. 



الخميس، 5 سبتمبر 2019

ذاكرة الظمأ


يُعَلِّلُنِيْ .. بِحَرفٍٍ مِــنْ لـِـــقَاءٍ 
شَهِيُّ أَنْتَ يَا حَــرفَ اللِّــــقَاءِ 
.
أُُمَانـِـعُ كَأسـَـهُ حِيْنــَاً وَحِيْنـَـاً 
 يُرَاوِدُنِيْ فَيَهْزِمُنِيْ اشْتِهَائِيْ 
.
وَأَرْشُفُهُ ارتِوَاءً .. غَيـْرَ أَنـِّـيْ 
أَنَا الظَّمْآنُ مِنْ وَقْعِ  ارتِوَائِيْ 
.
أَنَا المَخْبُوْءُ في عِرق التَّمَنِّيْ 
أُسـَـافِرُ بَيْنَ ... نِيْرَانٍ وَمـَـاءِ 
.
وَبَيْنَ وُعُوْدِ مَنْ أَهْوىَ وَبَيْنِيْ 
كَمـَـا بَيْنَ الحَقِيْــقَةِ وَالرِّيـَـاءِ 
.
كَطِفْلٍ خَطَّ فِيْ الكُرَّاسِ رَسْمَاً 
لِيَمْــحُوَهُ  بِأَطـْـــرَافِ الــرِّدَاءِ 
.
***
.
وَحَقَّاً , كَيْفَ , لاَ أَدْرِيْ  لِـمَاذَا 
مَسَــافَاتِيْ انْتـِـهَاءُ الإِبَتـِـدَاءِ 
.
لِمَــاذَا أَعــْذَبُ الأَيــَّام تَمْضِيْ 
عَلىَ عَجَــلٍ بِأَرْوِقــَةِ الرَّجــَاءِ 

كَعِطْرِ  مَلِيـْـحَةٍٍ مَــرَّتْ عَلَيــْنَا 
تَحُثُّ الخَطْوَ مِنْ فَرَطِ الحَيَاءِ 
.
فَتُشْــــعِلُنَا .. وتَتْرُكُنَا حَيَارَىَ 
بأَشْْـــوَاقِ الضَّرِيْرِ إِِلَىَ الضِّيَاءِ 
.
***
.
كَأَنَّ الشَّــوْقَ عُصْفُوْرٌ تَدَلَّىَ
عَلىَ أَغْصَــانِ مَمْــلَكَةِ الغِنَاءِ 
.
يُرَدِّدُ بِالنَّشِيْدِ وَلَيْسَ يَدْرِيْ 
بِأَنَّ العُمـْـرَ فِيْ شَــفَةِ الفَنَاءِ 
.
فَلـَـوْ أَنَّا نُلَمْلـِـمُ مَــا أَضَعْنـَـا 
مِنَ الأَلْحَانِ يَا عَصْرَ البـُـكَاءِ 
.
وَلـَـوْ أَنَّا .. مـَـلَكْنَا مَــا أَرَدْنَا 
وَأَرْجَعْنَا الزَّمَــانَ إِلىَ الوَرَاءِ 
.
وَتَرْجِعُ مَاعَهِدْنَا مِنْ لَيــَــالٍ
مَــلَكْنَاهَا .. بِبـَـاءٍ بَعْدَ حـَـاءِ 
.
فَيَامَنْ لامَنِيْ فِيْ الحُبِّ مَهْلاً 
فَبـَعْضُ اللـَّـوْمِ أَشْــبَهُ بِالثَّنـَـاءِ .
.
***
الشاعر منصر فلاح
١٨‏/٩‏/٢٠١٨ 
صنعاء.

..

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2019

أرق


شوقي لثغر الفجر أفقدني صوابه
وأحالني عطشا تعلق في سحابه
.
لا الخيل لا البيداء تعرفني هنا
لا السيف لا القرطاس يا نزق الصبابة
.
هذي السنين المجدبات بوجنتي
تحكي أنين قصيدة عشقت ربابة
.
ماذا أحدث والمواجع ضحكة
سوداء تفتل للسراب كذا حجابه
.
أرقي فناجينٌ تفوح كقهوةٍ
عربيةٍ تشدو بنكهتها الرتابة
.
ومساء أسئلتي كنصف حقيقة
عنها يضيق يقين دائرة الإجابة
.
من هاهنا مر الدجى بمداده
من فوق طاولة مبعثرة الكتابة
.
مكتظة الأوراق بين سطورها
تتهافت الأقلام من رمق الكآبة
.
يا صاحبي أنا شاعر متعفف
علقت بشوك الأمنيات هنا ثيابه
.
أهذي فيكتبني الظلام كعبرة
في دفتر الليل المعتق بالمهابة
.
وبدون قافية غدوت كموطني
في غربة المنفى أغيب بلا غرابة
.



الشاعر منصر فلاح
صنعاء.
١٢‏/٩‏/٢٠١٩
.

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

بغداد


بغداد إني عشقت فيك صبية
كانت تخبنيء في ذوائبها البلح
.
تحكي فيضحك في مباسمها السنا
تشدو فيندلق الضياء من القدح
.
تعدو فتتبعها الشموس كغيمة
يزهو على أهداب رونقها قزح.

الشاعر منصر فلاح
صنعاء.
١٩‏/٣‏/٢٠١٩


السبت، 24 أغسطس 2019

في عينيك إبحاري

في عينيك إبحاري.

#منصر_فلاح
.

دعيك من الظن ما أعذله
ومن ثورة الشك والأَسئله
.
هو النار للحب تغتاله
وقد قيل حب الفتى قاتله
.
وليل الفراق بلا رحمة
فما رق للقلب أو أمهله
.
وللشوق محبوبتي طائر
دعيك من القول :من أرسله؟
.
فما زال في الحب تاريخنا
يسطر أمجاده الحافله
.
لأنك انت ربيع المنى
وكل الغرام وكل الوله
.
وقصة عشق تطول هنا
يداعب آخرها أوله
.
إليك أسطر أشجانها
حروفا من الضوء مسترسله
.
تمد لعينيك تحنانها
تعطرها الرحلة المذهله
.
وأبحر بين رموش السنا
وأعبر أمواجه المسدله

فكيف يضيع الجواب وفي
عيونَكِ سيدتي. البوصله ؟! .

***

الشاعر منصر فلاح
٢٩‏/٩‏/٢٠١٨
صنعاء.

الجمعة، 23 أغسطس 2019

قراري

قراري .

#منصر_فلاح
.
.
 إِنِّيْ تَرَكْتُكِ وَاتَّخَذْتُ قَرَارِيْ
ما عدتُ أعشق في الهوى إبحاري
.
بل أي بحرٍ في هواك يثيرني
كي تشتهيك قصائد المحّارِ  ؟
.
فالأفق نزفٌ للجراح وللضما
والعمر حلمٌ شائك الأقدارِ  !!
.
مني ألا كُفيّ فقد تعب المدى
من طرف حرفٍ مُدنَفٍ محتارِ

وقلائدٍ للذكريات وللرؤى
أودعتها عمداً ظلام الغارِ
.
كم كنتُ أهتفُ في هواكِ مُغنيا
للريح للأمواج للإعصارِ

حتى أفقت على نهاية قصتي
أدركتُ معنى سذاجة الإبحارِ  !

مالاح لي طيفُ لنافلة الغوى
كلا ولا نال المدى إصراري

أتركتني وطناً يئنُ بلاهوى
وملامحا تشتاق دفء الدار  ؟!

كل الملامح في دروبك أخفقت
وتزيفت كعروبة الثوارِ

أوتعجبين إذا دفنت مشاعري
ومحوتُ عمداً في الهوى أشعاري  ؟!

لا تعجبي يامن بكل حماقةٍ
أحببتها ووهبتها إقراري

حتام أهرقُ في مداك قصائدي
وأعتق الأعذار في أعذاري

هاقد شطبتك من سنين دفاتري
ورميتُ وهمك من ثقوب جداري.
* .. *

***
الشاعر منصر فلاح .
٦‏/٩‏/٢٠١٨
صنعاء.

.

السبت، 17 أغسطس 2019

ياقلب تبا.

ياقلب تبا.

#منصر_فلاح

يا أيها القلب الذي اتعبتني
هلا استرحت من الهوى وأرحتني
.
ها أنت أشعلت الغرام تفننا
لم تدر انك بالغرام ظلمتني
.
أحببت من لاتستقيم مع الهوى

تهب الوعود على الوفاء وتنثني
.
أهدى لها ورد الربيع نضاره
وأعارها هاروت سحر السوسن
.
فتانة سامتك هجرا بعدما
أدمت حشاك بسهمها المتمكن
.
كم واعدتك وقد مضت مختالة
وأراك تنزف كالطريد المثخن
.
ولكم نصحتك لا تكن متهورا

فرميت نصحي جانبا وعصيتني
.
ياقلب تبا للغرام وأهله
ولكل قلب للصبابة ينحني
.
ماكان يهزمني الكماة لدى الوغى
حتى أتيت بحبها فهزمتني.

الشاعر منصر فلاح
صنعاء.
١٤‏/٨‏/٢٠١٩
.
نضاره =نعومته
المتمكن = النافذ
مختالة = متكبرة
الطريد = الذي يطارده العدو أو الصياد
المثخن =كثير الجراح
الكماة =جمع كمي وهو الفارس المدجج
الوغى = الحرب.

.

الثلاثاء، 22 يناير 2019

عواصف التيه

عواصف التيه.
#منصر_فلاح

تنداح بي هاهنا مراكب المنفى
وفي شفاهي يضج البحر والمرفا
.
مشردٌ في قفار الموت سيدتي
في كل ترنيمةٍ أستنهض الحتفا
.
لا النزف في أَحرفي يسلو ولا وطني
في خافقي يرتضي أن أترك النزفا
.
عواصف التيه تمحو شكل خارطتي
تُمَزِّقُ الخَطْوَ إِنْ نَسْفَاً وَإِنْ قَصْفَا
.
صنعاء رغم جفاف اللحن تعرفني
أنا المُعَنَّىَ الَّذِيْ قَدْ أَدمَنَ العَزْفَا
.
رأيتها والدجى يُلقي تمائمَهُ
والضوء في ثغرها يستفتح الرشفا
.
كفكرة من ثقوب البوح ترمقني
من ذا إلى حرفها يستقريءُ الحرفا
.
ماذا أحدث والآلام ياوجعي
قصيدة خالفت في حزنها العرفا
.
كل الجهات على خبزي تراودني
وتشتهيني حصارا يخنق الوصفا
.
أنا الذي ما شكا جورا ولاعنتا
ولا يراعي أتى يستلهم العطفا
.
حَتَّى الأعاصير في فنجان قافيتي
ما أوهنت في دمي ساقا ولا كفا
.
أصافح الريح , أعدو فوق لاهبتي
فأضلعي من غضى نيرانها أدفا
.
لازلت أعدو لعلي حين أدركها
في حفلة الغيم وشفا يغسل الوشفا
.
سحابةٍ من لمى "آزال' تمطرني
وقفاً على بدئها أستعذب الوقفا.
.

الوشف =زخات مطر خفيفة متقطعة.
آزال =صنعاء.

**
الشاعر منصر فلاح
١٨‏/١‏/٢٠١٩
صنعاء.

عرائس الضوء.

عرائس الضوء. *
              منصر_فلاح
.
 يا مَنْ إِلَى ثَغْرِهَا المَعْسُولِ يَرتحلُ
  العطرُ والذّوقُ والإِحسَاسُ والقُبَلُ
.
وَتَحْتَ أَرْمَاشِهَا السّكْرَىْ هُناَ نَسَجَتْ
عَرَائِسُ الضّوءِ شِعْراً دَأْبُهُ الغَزَلُ
.
لاتعذلي شاعرا قد قام مرتجيا
إلى مدى غصنك الريان يبتهلُ
.
يلملم الشوق والآمال تحمله
 لعل في حضنها الموعود ينهملُ
.
 فالحب نبضٌ الهي يُخالِطنا
 تصفو به الروح يا (مايا) وتغتسلُ
.
نعيمه جنة للعاشقين وفي
  عذابِهِ لذةُ الاشواقِ تشتعِلُ
.
لولاه ماغردت طير على فنن
  أو اشرقت في شفاه الشاعر الجُمَلُ
.
يَا بَسْمَةً فِيْ هَزِيْعِ المَوْجِ قَدْ سَنَحَتْ
 تَلْهُو عَلَىْ شَطِّ آلامِيْ وَتَحْتَفِلُ
.
غِبْتِ فغابت شُموسُ البوحِ عن مُدُنِي
  وخطوتي أنكرت دربي فهل أصِلُ؟
.

ردي مراياك كي أروي بها عطشا
  تأبّطَ الرُّوحَ في تِهيامِهِ الأَجَلُ
.

جفت مَآقِيْ الهوى في أحرفي وفمي
في لَوْعَةِ الرّمْلِ قَيْضٌ حَائِرٌ كَسِلُ
.
ما عدت أقوى على التبريح ملهمتي
 لافكرة هاهنا تأتي ولا أملُ
.
عيناك ديوان أشعاري فلا تدعي
ستائر الهجر بِالنِّسْيَانِ تنسَدِلُ
.
رُدِّي إِلَيَّ انهِمَاراً حِينَ يَغمُرُنِي
يُعِيدُ تَرتِيبَ تاريخي وَيَخْتَزِلُ
.
بريق ألحاظك الزرقاء أغنية
يهفوا لإيقاعها التشبيب والزّجَلُ
.
لا تعجبي من جنوني لو جننت بها
عيناك عيناك لا شِبْهٌ ولا مَثَلُ .
***
   الشاعر منصر فلاح
   ٧‏/١١‏/٢٠١٨
       صنعاء .

الاثنين، 21 يناير 2019

الرمزية والارتباط بين الحبيبة والوطن في قصيدة (ألا قمر بذات نخل) للشاعر اليمني منصر فلاح. بقلم الأديب والناقد : أ/سيف حسن أبو علي.


الرمزية والارتباط بين الحبيبة والوطن..
قرآءة في قصيدة (ألا قمر بذات نخل) للشاعر اليمني منصر فلاح.
بقلم الأديب والناقد :
أ/سيف حسن أبو علي.

يستفتح الشاعر منصر فلاح قصيدته كما يفعله الأعراب الأوائل من غير أهل جيله و كأنه يمثل حالة إستثنائية لإبداع شعري عتيق السياق معاصر التراكيب متجدد الفكرة في الآن ذاته و يتبين ذلك من خلال استخدامه لحرف الاستفتاح ألا في مطلع البيت الاول وهو حرف استفتاح ليس له محل من الإعراب قد يراد به الترجي او التمني عادة، فيرسم من بعده لوحة شعرية غاية في الجمال و البهاء فيقول:

الا قمرٌ يلملم ما اضاعه               غبار الليل في كنف اليراعه

و هنا يرسم الشاعر صورة جمالية للمتلقي و هو يناجي القمر راجيا إياه  ان يلمم ما اضاعة غبار الليل في يراعه محاولا تبديد حالة الظلمة والسواد الدامس الذي يسيطر على هذا الوطن. حيث يستأنف القصيدة ويقول:

و فوق نوافذ الإحساس يهمي            فيسكب في ملامحنا شعاعه

فهو يرجو أن يرى القمر يهمي و يسكب فوق نوافذ الاحساس شعاعه في ملامحنا البآئسة لعلها تنتزعنا من حالة البؤس و التشظي و الظلمة الكئيبة.
و يستمر الشاعر من بعد ذلك بقوله:

سئمنا من نهارٍ ليس يأتي                  و عافتنا الحلول المستطاعه

و من هذا البيت يتضح لنا الصراع المرير الذي يمر به الشاعر مع قوى الظلام و انتظاره الذي طال ولم يثمر فهو ينتظر حلول نهار جديد لم يأت وقد عافته كل الحلول الممكنة لتحقيق ذلك الحلم. يستأنف الشاعر قصيدته بقوله:

هنا قبح يمارس مشتهاه                     تقمصنا و ألبسنا قناعه

هنا الزيف الموشى بالتمني               هنا الموت المعتق بالوراعه

هنا يا صاحبي لو كنت تدري             سؤال مج في دمه الإشاعه

كأنه في فم المنفى شريدٌ                إلى المجهول يرفعها ذراعه

و في هذه الأبيات يسهب الشاعر في وصف حالة البؤس الذي يعيشه في هذه الجغرافية البائسة بالإشارة إلى المكان والتأكيد عليه من خلال استخدام كلمة هنا في بداية كل بيت منها، ففي هذه الجغرافية القبح المشتهى و فيها ايضا الزيف الموشى اي المطرز والمزين بالتمني بالإضافة إلى الموت المعتق بالوراعة، فالموت هنا ليس كمثله شيء فهو يأتي بإسم الدين. وفي هذا البيت إشارة إلى الحرب الطائفية التي تعصف بالبلاد منذ أربعة أعوام حصدت من خلالها أرواح العديد من الأبرياء فمن لم يمت في الحرب تحت وطأة النار والرصاص و افواه المدافع مات جوعا و كمدا و قهراً مما آلت إليه أحوال الناس من فقر و جوع وجهل ومرض. و يستأنف الشاعر مخاطبا المتلقي و ينعته بصاحبي كنوع من التودد ليكشف حقيقة جديده يتميز بها اهل هذه الجغرافية من فضول و ارتياب ينتج عنه اذاعة الشائعات. فحتى السؤال هنا يمج في دمه الإشاعة اي انها تهيج وتطفح من دمه. او بمعنى آخر ان السؤال يقذف ويستهجن من دمه الإشاعة. و كأنه في فم المنفى شريد يصارع مصيره الى المجهول ويرفع ذراعه، فهذا الوطن بالنسبة للشاعر لا فرق بينه وبين المنفى.

ان الشاعر في الأبيات المذكورة يصف للمتلقي إحساسه بالغربة في هذا الوطن، فهو بالتالي يبحث عن وطن يحتويه و يأويه و يجود له بالوصال، وهذا ما يلخصه لنا في بقية أبيات القصيدة حيث نجده يقول:

انا وطن  بلا وطن   تدلى                    إلى عينيك يستبق اندفاعه

وهبتك مهجة  تنداح  شعرا                   و قلبا بات يتشح التياعه

و عطرا من غرام ليس يفنى              على منديل سلطتك المطاعه

فجودي بالجواب ولو عتابا                   فليس لي بالصبر استطاعه



يتضح لنا هنا أن الشاعر نتيجة الإحساس بالغربة يتجه نحو البحث عن وطن، فهو على حد تعبيره وطن بلا وطن تدلى إلى عيني حبيبته يستبق اندفاعه. نلاحظ في هذا البيت الذي يعتبر نقطة تحول تنكشف عندها اهم اسباب هذه الغربة المندمجة مع الحنين وحب المعشوقة المجافيه. فهو يناجي حبيبته التي تمثل في رؤيته وطن قد وهبه مهجته و عطرا من غرام سرمدي لا يفنى. فهو على استعداد للطاعة المطلقة لهذه السلطة المطاعة، حيث يستجدي الوصل من حبيبته و إن كان على هيئة عتاب و لوم فإن صبره قد نفذ ولم يعد له بالهجر استطاعة.
يتضح لنا من الأبيات السابقة أن الشاعر اتجه بشكل ملحوظ إلى استخدام الرمزية في مناجاته للقمر الذي قد يرمز للحبيبة المحتجبه عنه زمنا طويلا فهو ينتظر رؤيتها و وصالها الذي يمثل ابنلاج النور و انقشاع الظلمة عن روحه المتيمة بالعشق. ونجد ذلك جلياً في الأبيات التالية من خلال مناجاته للقمر مرة أخرى حيث يقول:
الا قمرا يحط بذات نخل                يسامرنا و يمنحنا شراعه


سرابٌ من سنينٍ قد تولَّت            تبدت يا (سراب) كربع ساعة


أنا العربي أخطىء نطق جرحي         فلا أدري تميما أم خزاعة


أشك، أقول طيئا ؟! ,لا أظن ..     بلى !!إن لم تكن حتما قضاعة


ترابيُّ يثرثره التشظي                        ومائيُّ تزمزمه الوداعة


هوائيُّ اخبيء فيض ناري                  و ناريُّ إلى حد الفظاعة


أنا العربيُّ أُدعى مثل جدي                  يمانيُّ البراءة والبراعة

نجد الشاعر  في هذة الأبيات تحول إلى مناجاته للحبيبة المحتجبة كقمرٍ بعيد المنال فهو يشتاق لمسامرتها في ذات نخل و كأن الشاعر يستحضر صورة لذكرى من ذكريات الماضي. ولعلنا نلاحظ تكرار كلمة سراب في البيت التالي ومنح حبيبته اسم سراب والذي قد يكون حقيقيا او مجازا كمحاولة لوصف حالة الضياع التي يمر بها كمن يهلك في العراء من الظمأ ولا يرى سوى سراباً.
يستأنف الشاعر فيصف نفسه بالعربي الذي هو في الأصل فصيح اللسان لكنه يخطئ نطق جرحه و الفصيح عادة لا يخطئ النطق  و هو ايضا العربي الأصيل الا انه تساوره الشكوك حول أصله و جذوره فيتخبط في نسبه فينسب نفسه لاحد القبيلتين العربيتين  تميم او خزاعة (قبيلتين عربيتين عريقة الاصل تسكن ارض الحجاز والعراق)
ويستمر الشاعر في وصف حالة الريبة التي تخالجه فيقول:

أشك، أقول طيئا ؟! ,لا أظن ..     بلى !!إن لم تكن حتما قضاعة

و هنا يشير الشاعر الى جذرين من اصول فحول العرب وهما قبيلة طيئ و قضاعة والاخيرة تشير الى حمير وهو  لقب اطلق على عمرو بن مالك بن حمير ، ابو حي باليمن و قضاعة اسم للفهد. وعلى نفس النسق نجد الشاعر يسهب في استحضار الصور المتضادة في كل بيت فهو ترابي ومائي و كذلك هوائي و ناري، الا انه و رغم كل هذا التناقضات يجد نفسه العربي الأصيل  مثل اجداده القداما يماني البراءة و البراعة.
ويختتم الشاعر قصيدته مخاطبا حبيبته فيقول:


فيا زرقاء هل أحسست جيشا                 من الأحلام تحترف المناعة

سمعت الامس أخبارا ستأتي                     ولكن الذي يأتي خلاعة

شريفٌ أستشف فضول موتي                  فتحييني تواشيح الإذاعة

على شبعي كما قالت حذام                     أمد فمي إلى طبق المجاعة

وأنفخ ناي أحزاني وأهذي                       غدا بالضوء تندلق الفقاعة


وفي ختام قصيدتة نجد ان الشاعر قد وصل الى مرحلة اليأس من انفراج الازمة التي يمر بها كفرد وكوطن على حد سواء فالاخبار التي سمعها في الامس لم تأتي ولكن الذي يأتي خلاعة، وفضول موته مستمر و من حوله من يستشف هذا الموت وقد اضحو حذاما و الحذام هم الارانب السراع او اللصوص الحُذّاق وهو يمد فمه الى طبق المجاعة، ويستمر في نفخ ناي احزانه ويهذي غداً بالضوء تندلق الفقاعة حالما بانبلاج ضوء فجر جديد طال إنتظاره.

و في الختام نخلص الى القول ان الشاعر منصر فلاح في قصيدته الا قمرا يحط بذات نخل قدم لنا نموذجا شعريا فذاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى متأثرا بعمالقة الشعر العربي قديما وحديثا، عمد من خلاله الى استحضار كم جبار من الصور الشعرية الغاية في الجمال والدهشة مستخدما قاموسا لغويا غني جدا بالمفردات الجميلة القوية والتي سمحت له ببناء نموذج شعري كلاسيكي الشكل حداثي الفكرة والمحتوى متأثرا بالشاعر اليمني العملاق عبدالله البردوني. وفي نفس السياق نجد انه نضم هذه القصيدة على البحر الوافر والذي اضاف للقصيدة نسقا موسيقيا جميلا خفيف الايقاع مع احتشاء النص بكم هائل من الصور الشعرية الجميلة و اعتماده بشكل كبير على الرمزية والتي قد تضع القارئ في حيرة تجبره على محاولة فك طلامس النص وترجمة محتواه الخرافي جداً.
**
أ/سيف حسن أبو علي
٢١‏/١‏/٢٠١٩
صنعاء.